نبي رهن الاعتقال


مراجعة الخان
رواية "نبي رهن الاعتقال"
للروائي/ أحمد شوقي مبارك
بقلم/ ياسمين عبدالغني



نبي رهن الاعتقال، ذلك الاسم الغريب تلمع عيناي لمجرد رؤية ذلك الغلاف، ينتفض قلبي ذعرًا لمجرد تصوري لفكرة الرواية،
اسم يشعرني بالثورة، الاشمئزاز، الفضول والرغبة الشديدة لاقتحام كلمات ذلك الكتاب، الرغبة لفتكِ ذلك الكتاب هو ومحتواه، واليوم فعلتها؛ انتهيتُ من ذلك الكتاب وأنا آسفة؛ لقولي انتهيتُ منه، ياليته لم ينتهِ، ياليته مستمر، ياليته له جزء آخر.
 منذ بداية أول حرف في الكتاب حتى آخر حرف وأنا ألعن نفسي، أشعر بالغضب، بالحزن، أشعر بالغباء، أين كان ذلك الكتاب من قبل؟! لمَ لم يظهر من قبل؟! لمَ لم أتفحّصه من قبل؟! أين كان ذلك الفضول من فترة؟!
أنا حقًا نادمة لمرور كل ذلك الوقت وأنا لم أنغمس بداخله
في حالة صدمة غريبة، لم أفكر يومًا أنه سيكون هكذا!، لم أتخيّل أن يصل ذلك الكاتب لتلك المرحلة من الإبداع.
في يوم ذكر أحد الأصدقاء الكاتب أنه يلقِّب الكاتب بالرسام، وكان قد وُفّق في اختيار الاسم؛ فأنا أرى أنه رسم الرواية بشكل لايمكن لغيره أن يصنعه مثله، تفنّن في حروفه، وإن ذكره أحد يومًا بالرسام فأنا ألقّبه اليوم بالفنان،
من أين أتى ذلك الكاتب بتلك الفكرة؟ من أين حضر ذلك العقل ليصل إلى هذا الحد من الإبداع، وللمرة الثانية يُجبرني كاتب على شكره لعمل يقدمه
عمل يستحق القراءة، يستحق الوقت، يستحق كل ما عاناه الكاتب؛ ليصل الكتاب بين يدي و بين أيديكم.
عملٌ أرغمني أن أترك كل شيء متجهة إليه، تركت المذاكرة، وتركت التعب وهربت إليه،عمل سرقني حقًا، سرق مني أنفاسي منذ بداية القراءة حتي نهايتها وأنا في صدمة بالغة، شلّ عقلي حتى لساني ممزق، أشعر أنني في حالة غياب عن الوعي.
نبي رهن الاعتقال! هل يمكن أن يكون هناك نبي رهن الاعتقال؟! ولمَ جاء ذلك النبي؟! ومن بامكانه اعتقال نبي؟!
تلك الأسئلة جميعها كانت بداخل رأسي حينما امتلكت ذلك الكتاب، أيمكن أن يكون يتلاعب بالألفاظ؟
أختار عنوانًا لكتاب لا يعبر عن محتواه؟ أم أنه أراد سرقة الأضواء؟ ولكن بعد قراءة العمل كاملًا لكَم عشِقت ذلك الاسم، ووجدتُ أنه العنوان االمعبر عن المحتوى؛ فالروايه حقيقة كانت تحكي عن نبي، ولكن عن أي أنبياء يتحدث؟ الرواية تحتاج إلى عقل واعِ لفهمها وفهم حروفها،
هناك رسالة قويه يرسلها لنا الكاتب، وأظنه كان ناجحًا في أن يقدمها.
العمل بالكامل أشبه بفيلم يعرض أمامك، وتُقسِم العينان أنها لن تتحرك من مكانهما، ستظل أمام تلك الحروف تلتهمها ولا تشبع منها،
أبدع الكاتب في صنعه لحبكة درامية مختلفة بالكامل.
لم يذهب للرعب كما اتجه غيره، ولم يندفع نحو الأكشن أو الأعمال الاجتماعية، قدّم عملًا لا يوجد له شبه وسيبقى رمزًا لعالم جديد؛ عالم وحده الكاتب من يبتكره ومن يصنعه.
كنت أود قتله؛ لاختياره لذلك الاسم، كنت ممسكة بقلمي لكي أدوّن الكثير من السلبيات، لكي أعطيه نقدًا قويًا يمنعه من الكتابة، فكيف له أنه يتلاعب و يختار اسم مثل ذاك، ولكني الآن أُعلن انسحابي، أُعلن أنني هُزِمت أمامه، فكنت أدوّن اقتباساته في دهشة وحب، كم أحببتُ حروفه.
تلك أول تجاربي مع الكاتب وأنا على أتم الثقة أنني سأقرأ بقية أعماله في القريب العاجل، وسأنتظر أعماله القادمه بشدة.
أشعر بالفخر لقراءتي لذلك العمل، أشعر أنني لا أحتاج للكتابة الآن؛ فقد أحتاج أن أقرأ له ولأمثاله من الكُتّاب الرائعين.
أما عن اللغة فكانت من السهلة الصعبة، كيف لكتابة أن تكون يسيرة وفي نفس ذات اللحظة تشعر أنها عسيرة؟!
كانت ألفاظ يسيرة، ولكنها كانت ثقيلة، تفنّن الكاتب في اختيار كلماته وتوّج نفسه ملك الإبداع.
«مَن يكتب لا يموت» تلك جملة الكاتب المفضلة، و الآن أفهم محتواها، أفهم لمَ قالها، أُدرك بالكامل أنه لن يموت يومًا؛ فأعماله ستبقى حاضرة دائمًا وأبدًا لتخلد ذكراه.
لك منّي الشكر والثناء على ذلك العمل القوي، ولك مني شوق ولهيب لقراءة المزيد والمزيد، لكَ أيضًا حسرة وندم؛ لتأخر موعد بداية، موعد وصولي لأرض الشوقي؛ الأرض التي تميز بها الكاتب.
أأخبركم سرًا؟ لأول مرة أقرأ عملًا وبعد انتهائي منه أريد إعاده قراءته في الحال، ولكن تبًا لمشاغل الحياة التي تحرمنا من صنع كل ما نتمناه،
ولكني أقسم أنني سأعيد قراءته في القريب العاجل.
شكرًا أحمد شوقي مبارك، شكرًا؛ لكونك مبدع.. شكرًا لكونِك كاتب...
شكرًا لكونك فكرة، و الفكرة لا تموت.
--------------
اقتباس الأدب خان
«الأديان هي دليل طموح الإنسان للبقاء منذ فجر البشرية، علِمها بعض الشخصيات فقاموا بالتلاعب بذلك الحلم حتي صوّغوه للبشر في الصورة التي أرادوا تصديقها؛ فكانت لهم قرون من الأمل الكاذب وأحلام لن تتحقق أبدًا»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق