"قصة قصيرة/ الحرز الملعون"
الكاتب: محمود مدين
حي
الزمالك ذلك الحي الراقي الهادئ الذي يقطنه شريحة من المجتمع المصري الراقي او كما
يقال عليهم كريمة المجتمع ؛ حيث الهدوء و الرفاهية ؛ علي ذلك المقهي الفاخر ذو
الطراز اليوناني القديم ؛ جلست فريدة تلك الشابة ذات الرابعه والعشرون ربيعا رائعه
الجمال بعينيها العسليتان الذان يتلألأن في وهج الشمس و خصلات شعري الاحمر الناري
و بشرتها البيضاء البضه ؛ ترتدي تنورة سوداء قصيرة بالكاد تصل الي الركبة تكشف عن
ساقين مرمريان منحوتان بأزميل نحات بارع ؛ تقلب بأطراف اناملها قطع السكر في فنجان
قهوتها ؛ بينما تجلس قبالتها غادة صديقتها ورفيقة دربها التي تكبرها بثلاثه اشهر
بجسدها المترهل الذي يزخر بأطنان من الدهون غير المشبعة ؛ وشعرها المجعد القصير
بلونه الاسود و بشرتها السمراء الداكنه ترتدي نظاره شمسية سوداء علي عباءة فضفاضه
في محاوله فاشله ان تخفي ثنايا جسدها المترهل و تلك الهالات السوداء تحت جفونها
بادرت
غادة قائله
_ناويه
تعملي ايه مع الندل اللي اسمه طارق ؛ هتسيبي البنت اللي اسمها دينا دي تاخده منك
نظرت
لها فريدة و علامات الغضب تكاد تفجر الدماء في وجهها المحتقن
_ اكيد
لأ ؛ لازم انتقم منهم هما الاتنين ؛ وفرحتهم دي ما تمش ؛ بس اعمل ايه دا الفرح
فاضل عليه اسبوع واحد بس
نظرت
لها غادة نظرة ذئبيه ذات مغزي انها تمتلك الحل قائلة
_طب
واللي عنده الحل ؛ هديته ايه ؟؟؟
... في
ذات الليلة
علي
الطريق الصحراوي علي اطراف القاهرة بعيدا عن العمار و الضجيج ؛ اسرعت سيارة مرسيدس
تشق طريقها في تلك الصحراء القاحلة في ليله مظلمه تواري قمرها خلف تلك السحب
الرمادية القاتمه وكأنه يتوجس خيفه مما سيحدث
توقفت
السيارة امام تلك الحجرة الصغيرة كشبح يقبع وحيدا في تلك الصحراء القاحلة خرجت
غادة من السيارة ؛ بينما جلست فريدة عاقدة الذراعين
_ يلا
يا بنتي انزلي
بصوت
كله قلق مذبذب
_ انتي
يعني واثقة في الست دي ؟؟
_ جدا
دي ست واصله بيجيلها ناس من كل حته حتي من برا مصر ؛ اتشجعي بس ويلا
_ طب
روحي انتي الاول
اقتربت
غادة من تلك الحجرة المبنيه بالطوب الابيض ؛ طرقت بضع طرقات علي بابها الخشبي
المتهالك ثم تراجعت للخلف بضع خطوات ؛ دقائق وانفتح عن شبح امرأه عجوز تجاوزت
الثمانين بأعوام تغوص التجاعيد علي صفحة وجهها حتي لا تكاد تري سوي تجاعيد فقط برز
من بينهما فم دقيق و حدقتان ضيقتان ؛ اشارت لها وهي عائدة للداخل بصوت رخيم كأنه
قادم من بئر سحيق
_ ادخلي
ورايا وهاتي في ايدك الشابه اللي هناك
عادت
غادة مرة اخري الي السيارة وبعد جهد اقنعت فريدة علي الدخول
جلست
غادة و فريدة امام السيدة العجوز في تلك الحجرة عطنه الرائحة كأنها القبر تداريها
رائحة البخور الغريبة المشتعل تغوص في ضوء خافت قادم من مصباح زيتي صغير
لحظات
من الصمت الذي لا تتحدث به سوي الاعين ؛ اخرجت السيدة العجوز من جانبها ورقة بيضاء
مربعه بها حروف وارقام غريبه متداخلة داخل اشكال هندسيه باللون الاحمر وريشة تغوص
في الحبر الاحمر ؛ مدت ذراعها تجاه فريدة قائله
_ الحرز
دا تاخديه تكتبي فيه الاسم المراد بيه و تطبقيها سبع طبقات وفي اي حته لحمة
وتوكليها لكلب
ترددت
فريدة بينما اسرعت غادة في التقاط الورقه و الريشة قائله بصوت مرح
_انا
هقوم بالواجب
امسكت
بهما و شرعت تكتب ثم اطبقت الورقة سبع طبقات واخرجت من جيب حقيبتها رزمه من
الاوراق الماليه فئه 200 جنيه مصري
... في
طريق العودة جلست فريدة علي المقعد بجوار غادة التي تجلس علي كرسي القيادة
_ انا
بقول بلاش شغل الجن والعفاريت دا انا خايفه اوي
_ يا
سلام بعد دا كله طبعا لأ ؛ احنا نروح علي البيت عندك و حته اي لحمه و نأكلها
للبوبي بتاعك نظرت لها فريدة بتوتر دون ان تعقب علي كلامها
...... بعد
ذلك ب7 ايام
جلست
فريدة تقود سيارتها علي ذلك الطريق الزراعي ؛ في طريقها الي منزلها عائدة من حفل
زفاف خطيبها الاسبق طارق علي دينا ابنه صاحب شركة المقاولان التي تعمل بها ؛ علي
امل ان تفلح الخطة التي نفذتها بالاشتراك مع غادة ؛ وبينما هي شاردة الذهن تناهي
الي مسامعها صوت صرخات طفوليه قادمه من تلك الحديقه الملاصقة للطريق ؛ توقفت
مترجله من السيارة في اتجاه ذلك الصوت حتي غابت في غياهب الظلام
.... بعد
ذلك ب 3 ايام
وقفت
غادة ترتدي الاسود تغطي عينيها بالنظارة الشمسيه السوداء و الدموع تنهمر من
مقلتيها ؛ تشهد جسد صديقتها و رفيقه دربها فريدة وعة يواريه الثري تتذكر ما حدث في
الايام الماضية
قبل
ذلك ب10 ايام
جلست
غادة امام السيدة العجوز ؛ تمسك بالريشة و الورقة تخط الاسم المراد به ؛ خطت بخطها
المهزوز اسم فريدة
اثبت
تقرير الطب الشرعي ان المجني عليها لاقت حتفها اثر هجوم حيوان بري مفترس عليها نهش
لحمها حتي لم يتبق منها سوي اشلاء مجهوله المعالم
..... خلعت
غادة نظارتها ومسحت دموعها بطرف جلبابها ؛ بعد انا غادر جميع المعزين قائله
_معلش
يا فريدة سامحيني انتي عارفه انا كنت بحبك قد ايه بس بصراحة العرض كان اقوي مني
بكتير ما هو 250 الف مش شويه برضه يعني بذمتك لو دينا كانت عطتك المبلغ دا وقالتلك
اتخلصي من مامتك ماكنتيش هتترددي دقيقة ؛ وعموما انا هخرج جزء من الفلوس علي روحك
اه دا حقك هتوحشيني اوي
عاودت
ارتداء نظارتها الشمسية مبتعدة عن قبر صديقتها وعلي شفتيها شبح ابتسامه....
---------
#محمود_مدين
#الحرز_الملعون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق