بداية قصتي كانت منذ أحد عشر عاماً، كنت لا أعلم
ما الذي ينتابني كل فترة، أكُل ما أراه هلاوس أم حقيقة؟ يكاد رأسي ينفجر، لا أعرف
لي أي حلول.
بداية قصتي كانت في شقتنا القديمة، خوف يسيطر
على كياني كله لا أعلم من أين يأتي.
خوفٌ من أي شيء، والأكثرُ الخوفُ من الظلام.
كنت أنام على طرف سريري وأنا مرتعب، كان هناك
شيء يحتضنني، جسم يدفئني في ليالي البرد القارص، كنت أُغضِبُ أمي فكان هناك شيء
يضربني، كنت أرى خيالاً لرجل يصلي على سجادة، أخبرت أمي، وقالت لي:
- لاتخف، لايوجد شيء.
ظللت أسير مع الحياة تخطفني وتخاطفني، إلى أن
أخبرت أمي خالي ما أنا فيه.
أمي: وليد ليس بخير، هناك شيءٌ غريبٌ يحدث معه.
خالي: لا تخافي ياأختاه، سنرى ما به إن شاء
الله، فأنا في طريقي إليكم.
جاء خالي إليَّ، وذهب بي إلى المسجد لصلاة
العشاء، بعد الصلاة قال لي:
- سنذهب سوياً لشيخي الأستاذ راضي للإطمئنان
عليه، فهو يمر بوعكة صحية.
قلت له : على الرحب والسعة ياخالي، زيارة المريض
واجبة ولها ثوابها، هيا بنا يا خالي .
ذهبنا إلى الشيخ، والذي كان بيته لا يبعدُ عن
المسجد إلا قليلا، طرق خالي الباب، فتح شابٌ عشريني البابَ، وسلم على خالي وعليَّ،
ثم دعانا للدخول وانتظار الشيخ.
انتظرنا في الصالة إلى أن أتانا الشيخ، وعند
رؤيته لي بهت وتفاجأ، ووقف على باب الصالة ثم ابتسم، وسمعته يقول :
- "قُضي الأمرُ الذي فيه تستفتيانِ" .
ونادى على خالي فذهب إليه وغاب معه سويعات
قليلة، ثم أتى خالي وأخذني من يدي وهو متجهم الوجه، وغادرنا بيت الشيخ راضي .
وفي الشارع التفتُّ إلي خالي فجأة ونحن نسير،
وقال لي :
ـ استعد ليوم تشخص فيه الأبصار، استعد ليوم تبلغ
فيه القلوبُ الحناجرَ، سيتم اختيارك لشيء، فلا تخذل نفسك ولا دينك ولا عائلتك،
ولكل وقت أذانٌ.
ومن ساعتئذ وأنا أستعد، وقد حان الآن الوقت، ما
أخبرني به خالي، وما سارت به الأيام، وما مررت به جعلني أوقن أن هناك شيئاً عظيماً
ينتظرني، كنت على أتم الاستعداد، ساعدني خالي حتى وصلت إلى ما أنا فيه الآن.
قال لي :
- القرآن خير جليس لك، وهو خير ما في الدنيا،
حصن نفسك به، لا تخذل نفسك بمطاوعتها، خالفها ولا تتبع هواك، ستنجو بإذن الله.
كان كلامه ينحفر في قلبي، يتغلغل في كياني،
واستمعت إليه بكل جوارحي.
ـ حدث شيء معي، لن أنساه أبداً، كنت أسير في
الشارع، وكان هناك فتاة تسير قبالتي، صادمت عيني عينها فارتجفت وخرّتْ على الأرض،
أسرعت الخطو إليها، وهي مغشيٌ عليها، لا أعلم ماذا أفعل؟!
فجأة، عندما كنت أبحث عن أي شيء يساعدني
لإيقاظها، فلم يكن هناك أي شخص يسير في الشارع إلا أنا، قفزت من مكانها وهربت من
أمامي، وهي تصرخ :
ـ ما هذا بشراً.
- تبت إليك ياالله، سامحني يامولانا، قُضي الأمر
الذي فيه تستفتيان.
فتأكدت أكثر أني سأسير في طريق صعب المسالك،
وعلمت أن الله قد اختارني لأشياء في الخير، لعباد ضعفاء مساكين، والأكثر من ذلك،
علمت من أنا؛ نعم علمت من أنا؟
أنا الذي يهابني علية القوم ويحترمونني، أنا من
جعلني الله نصيراً للفقراء، أنا من أعطاني الله من خزائنه التي لا تنفذ، ومن علمه
الذي لاينقص، من أنا؟
أنا الشيخ محمد حامد عبد العليم، فهل تعرفون
حقاً من أنا؟!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق